يجب التحقيق في الإنتهاكات في لبنان بشكل عاجل

6 November 2024

6 نوفمبر 2024

رسالة مشتركة إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة:

على مجلس حقوق الإنسان عقد جلسة استثنائية طارئة بشأن لبنان فورًا وتشكيل آلية تحقيق دولية

إلى الممثلين الدائمين والمراقبين في مجلس حقوق الإنسان:

بينما تتصاعد الخسائر بين صفوف المدنيين في لبنان، ويتواصل الدمار واسع نطاق للبنية التحتية المدنية، على نحو أجبر أكثر من 1.2 مليون شخص على النزوح قسرًا؛ تدعو المنظمات غير الحكومية الموقعة أدناه حكوماتكم إلى المبادرة و/أو دعم عقد جلسة خاصة استثنائية في مجلس حقوق الإنسان بشأن لبنان، وذلك بهدف تشكيل آلية تحقيق دولية في جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي المُرتكبة من جميع الأطراف المنخرطة في الصراع الدائر في لبنان.

لقد أضحت لبنان في وضع كارثي، نتيجة الأعمال العسكرية المكثفة التي تباشرها إسرائيل. فحسب بيانات حديثة لقي أكثر من 2.867  شخصًا مصرعهم، فيما أُصيب قرابة 11.000 أخرين بجروح جراء الأعمال العسكرية الإسرائيلية والغارات الجوية الأخيرة في جميع أنحاء البلاد.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، نزح ما لا يقل عن 400.000 شخص إلى سوريا منذ 23 سبتمبر. كما أسفرت الهجمات عن مقتل ما لا يقل عن 149 لاجئًا، وإصابة 29 آخرين، فيما لا يزال 4 أفراد في عداد المفقودين. وأجبرت الهجمات مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على النزوح داخليًا وخارجيًا في لبنان، مما زاد من هشاشة وضعهم.

على مدى العام الماضي، أطلق حزب الله صواريخ وقذائف على بلدات في شمال إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 39 مدنيًا على الأقل، وتشريد أكثر من 60.000 نسمة.

إن الهجمات الصاروخية والقذائف من جانب أي طرف، والتي لا تميز بين الأهداف العسكرية وبين المدنيين؛ تعد انتهاكًا لقوانين الحرب.

في 1 أكتوبر 2024، أصدر المفوض السامي لحقوق الإنسان بيانًا دعا فيه جميع الأطراف إلى «التمييز بوضوح بين الأهداف العسكرية وبين المدنيين والأهداف المدنية أثناء إدارتهم للأعمال العدائية. ويتعين على الجميع بذل كل جهد لحماية أرواح المدنيين ومنازلهم والبنية التحتية الضرورية لحياتهم اليومية، على النحو الذي يقتضيه القانون الإنساني الدولي بوضوح». كما أعاد البيان تذكير جميع الأطراف بضرورة «ضمان محاسبة المسئولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبت أو لا تزال مستمرة، أيا كان مرتكبوها».

في 4 أكتوبر 2024، أعرب واحد وثلاثون خبيرًا في الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة عن «أسفهم لتجاهل إسرائيل المتزايد للقانون الدولي» ودعوا إلى «ضرورة المحاسبة عن انتهاكات القانون الدولي». فيما شدد خبراء مجلس حقوق الإنسان أن «غزوًا إسرائيليًا ينتهك وحدة أراضي لبنان».

ورغم الكلفة البشرية الصاعقة لهذه الهجمات؛ إلا أن الدمار يتجاوز الخسائر في الأرواح. إذ تهدمت آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات، جراء الغارات الجوية التي استهدفت المناطق السكنية المتكدسة بالسكان. وبينما يحظر القانون الإنساني الدولي شن هجمات عشوائية قد تؤثر بشكل غير متناسب على المدنيين، ويفرض الامتثال للاحتياطات التي تتطلب، في سياق العمليات العسكرية، توخي الحذر الدائم لتجنب السكان المدنيين والمباني المدنية؛ إلا أن الاستخدام المتواصل للأسلحة المتفجرة في المناطق المدنية المأهولة بالسكان يهدد بارتكاب المزيد من انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب.

يدمر النزاع، وما أسفر عنه من كارثة إنسانية، اقتصاد لبنان الهش بالأساس، بالإضافة إلى مؤسساته، وبنيته التحتية العامة، ونسيجه الاجتماعي. وقد حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن المزيد من تصعيد الأعمال العدائية قد يسفر عن أزمة إنسانية لا يمكن السيطرة عليها، بينما لبنان غير مجهز للتعامل معها.

كانت البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المستشفيات والمراكز الطبية وغيرها من المرافق، قد تعرضت للهجوم، مما أعاق بشدة جهود المساعدات الإنسانية. وفي 1 أكتوبر، شنت القوات الإسرائيلية هجومًا بريًا مميتًا على لبنان، إثر خطاب تحريضي من مسئولين إسرائيليين، هددوا فيه بـــ«الدمار والمعاناة كما نرى في غزة»؛ وما زال خطر ارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية مرتفعًا.

علاوة على ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي ضمن هجماته العاملين في المجال الطبي، مما أدى لمقتل أكثر من 115 منهم. وتشكل الهجمات ضد البنية التحتية الطبية والعاملين في مجال الرعاية الصحية انتهاكًا مباشرًا لاتفاقيات جنيف، التي تستوجب حماية جميع العاملين في المجال الطبي في أوقات النزاع المسلح. بالإضافة إلى ذلك، اتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بإطلاق النار عمدًا على قوات حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان، وإصابة خمسة منهم. وبموجب قوانين الحرب، فإن موظفي الأمم المتحدة المشاركين في عمليات حفظ السلام –بمن فيهم الأعضاء المسلحون– هم مدنيون، وتعد الهجمات المتعمدة بحقهم وضد مرافق حفظ السلام الخاصة بهم، غير قانونية وتصل حد جرائم حرب.

في هذه اللحظة الحرجة، نحث حكوماتكم على التصرف بحسم. إذ أن حالة حقوق الإنسان والحالة الإنسانية في لبنان تخرج عن نطاق السيطرة، وبدون اتخاذ إجراءات فورية ستتصاعد معاناة المدنيين.

نحن نطالب الدول بتفعيل أدوات مجلس حقوق الإنسان، من خلال عقد جلسة استثنائية وتشكيل آلية تحقيق دولية في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، من أجل الوفاء بمسئوليتها في حماية حقوق الإنسان، ومنع ارتكاب المزيد من الانتهاكات، ومتابعة محاسبة الجناة.

:المنظمات الموقعة

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

منظمة العفو الدولية

هيومن رايتس ووتش

الأورو متوسطية للحقوق

الخدمة الدولية لحقوق الإنسان

سيفيكوس

الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان

اللجنة الدولية للحقوقيين

المجموعة الدولية لحقوق الأقليات

مركز الخليج لحقوق الإنسان

المركز اللبناني لحقوق الإنسان

مركز سيدار للدراسات القانونية

مركز وصول لحقوق الإنسان

معهد حقوق الإنسان التابع لرابطة المحامين الدولية

منّا لحقوق الإنسان

النساء الآن من أجل التنمية (لبنان)

هينرش بُل – بيروت

11.11.11

CNCD – 11.11.11

PAX Upinion


الصورة البارزة: الدخان الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية الكثيفة يتصاعد من منطقة مرجعيون جنوب لبنان. قليعة، لبنان. 23 سبتمبر/أيلول 2024. الائتمان: مروان نعماني/زوما برس واير/عالمي ستوك فوتو.