يرجى ملاحظة أننا نستخدم ملفات تعريف الارتباط على موقعنا الإلكتروني لتحسين تجربتك ولأغراض التحليلات. لمعرفة المزيد عن ملفات تعريف الارتباط، يُرجى قراءة سياسة الخصوصية الخاصة بنا. بالنقر على ”السماح بملفات تعريف الارتباط“، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط. بالنقر على ”رفض ملفات تعريف الارتباط“، فأنت لا توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.

الموصل ما بعد المعركة : جبر الضرر اللاحق بالمدنيين ومستقبل نينوى

22 January 2020

لموصل مدينة كبيرة يصل عدد سكانها إلى 1.5 مليون نسمة، ولعبت دور العاصمة في دولة الخلافة التي أعلنتها الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) لما يقارب الثلاث سنوات. بتاريخ 10 تموز/يوليو 2017 ، بعد ما يقارب التسعة أشهر من المعارك المحتدمة بين تنظيم داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، أعُلنت مدينة الموصل مدينة محررة. وفي حين يتحمّل تنظيم داعش مسؤولية سلسلة من الجرائم المرتكبة بحق سكان الموصل خلال احتلالها للمدينة، ارتُكبت انتهاكات كثيرة ضد المدنيين خلال الحملة العسكرية الرامية لاستعادة المدينة من قبل الحكومة العراقية والتحالف الدولي الداعم لها والميليشيات الموالية للحكومة. ونتيجة لهذه المعركة الطويلة والمحتدمة تحول جزء كبير من المدينة إلى ركام وسقط آلاف الضحايا من المدنيين.

مبدأ جبر الضرر هو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي الذي ينصّ بضرورة تقديم جبر الضرر نتيجة انتهاكات للقانون الدولي. وجوب تقديم جبر الضرر للأفراد مضمون اليوم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وتم تعزيزه بموجب القانون الإنساني الدولي. وإلى هذه اللحظة، تولت الحكومة العراقية مسؤولية تقديم التعويضات بشكلٍ أساسي. إذ يسعى القانون رقم 20 في العراق حول تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية?، والذي تم إقراره سنة 2009 ، إلى تقديم التعويض للذين طالهم ضرر في شخصهم أو ممتلكاتهم بسبب الهجمات الإرهابية والعمليات العسكرية. بالنسبة للمدنيين، التعويضات المقدمة من الحكومة العراقية ليست مجرد مبلغ من المال يحصلون عليه، بل هو اعتراف رمزيّ بأثر الحرب على حياتهم، وأداة لبدء إعادة بناء مجتمعاتهم.

عند إقراره في عام 2009 ، كان القانون رقم 20 إجراءً استثنائيًا مُتخذًا لسدّ ثغرة في التشريعات العراقية. ولكن بسبب أعداد الضحايا الهائلة خلال الاحتلال وعملية استعادة المدينة ونظرًا لكمّ الدمار في الموصل ومحافظة نينوى، ارتفع عدد الأشخاص الذين قدموا مطالبات بشكلٍ ملحوظ. وبما أن عددًا كبيرًا من الخدمات العامة ما زال غير مؤمن بشكلٍ كامل وبما أن عددًا كبيرًا من الملفات الإدارية ما زال تحت ركام المدينة، يعتبر الحصول على التعويض مسيرة إدارية معقّدة بالنسبة للمدنيين. مثقلة بالإجراءات المرهقة، الآلية الوطنية التي وضعها القانون رقم 20 باتت تحمل عبئًا يفوق قدرتها.

وبعد أكثر من سنة ونصف من التأخير في معالجة المطالبات، توجب على عدد كبير من المدنيين الاعتماد على مالهم الخاص لإعادة بناء حياتهم. وبالتالي، على الرغم من أن المدنيين العراقيين قادرون على الحصول على مستوى معيّن من التعويض، لا يمكنهم الحصول على تعويضات كاملة. وعلى الرغم من ميزاته، يعاني إطار القانون رقم 20 من ثغرات ملحوظة. وفي حين أنه يشمل الأذية الجسدية والأضرار اللاحقة بالممتلكات، لا يعالج الأذية النفسية ولا يمكّن الضحايا من الحصول على رعاية نفسية. ولا يذكر فئات متعددة من الانتهاكات التي اقترفت خلال النزاع الأخير، ولم يوفر مساعدة تذكر للجنود الأطفال وضحايا التعذيب والاختفاء القسري على سبيل المثال. إضافة إلى ذلك، لا يعترف بطبيعة الجرائم الممنهجة والمستهدفة التي ارتكبت بحق الأقليات العراقية ولا يوفر أي وسائل رمزية أو جماعية لجبر الضرر. كما لا يقرّ بالطريقة المناسبة بتحمّل الحكومة العراقية والتحالف الدولي المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات بحق المدنيين. وعلى الرغم من تولي دور حاسم في النزاع، التحالف الدولي معرّض الآن لخطر تجاهل المعاناة الواسعة النطاق التي تسببت بها عملية استعادة الأراضي التي احتلها تنظيم داعش ومستوى السخط الذي قد تتسبب به هذه العملية.

يركز التقرير الحالي على الموصل، ثاني مدن العراق ومركز الحرب ضدّ تنظيم داعش. ونظرًا للتنوع فيها ولأهميتها في الحرب ضد تنظيم داعش، باتت الموصل موقعًا أساسيًا لتجربة احتمالات مستقبل العدالة الانتقالية في العراق. يعتبر جبر الضرر للمدنيين مكوّنًا أساسيًا في عمليات المصالحة والتعافي بعد النزاعات المسلحة. وستشكّل كيفية تطبيق وتنفيذ برامج جبر الضرر في نينوى مؤشرًا رئيسيًا في مرحلة ما بعد النزاع في المحافظة والعراق ككل.

تنزيل التقرير (PDF ، عربي)